إن من اشتراطات الإبداع أن يكون لكل كاتب لغته الخاصة. وفي روايتها: "وجود: : جغرافيا الصمت" اختارت الكاتبة خلود أحمد لغة الصمت في خصوصيتها الأنثوية، فاتخذت منها أداة لكشف العالم المخبوء داخل امرأة شاء لها القدر أن تعيش في خواء الصمت؛ فبعد تعرضها لحادت سير مفاجئ فقدت على أثره أفرادا عائلتها تغير عالم وجود، إلى النصف؛ فتحت عينها اليمنى نحو عالمها النصف! النصف من كل شيء، نصف عائلة.. نصف وجه.. نصف جسد.. نصف شعور.. ونصف وجود... وبعد رحلة علاج طويلة سوف تنجح "وجود" في الخروج من دوامات الصمت بالكتابة، وجعلها طريقاً للتعافي ولإثبات ذاتها..
ما يميز هذه الرواية هو سعي الكاتبة إلى تأصيل وتأكيد أطروحات علم النفس الإكلينيكي في تحليلها لحالة الشخصيات الروائية وهواجسها، وخاصة في استقدامها لأطروحات علم النفس الوجودي وطريقته في علاج الاضطرابات الناتجة عن الصدمات النفسية، وهو ما يمكن للقارئ تلمسه من سيرورة الخطاب الروائي الذي حاول الاستفادة من الأفكار والنتائج الدراسية لبعض الأمراض النفسية وتوظيفها في ميدان النص، كما في التمييز القائم على التفريق بين الحلم ومكونات اللاوعي في سلوكيات الشخصيات الحكائية المختلفة، كما يلعب الحضور الشعري دوراً مهما في إدراك مكونات النص السردية، واكتشاف حمولته الدلالية وحساسيته اللغوية في عرض الحكاية وانسيابها في وعي القارئ.
من أجواء الرواية نقرأً:
"أنت تجهدني.. أحاول كل يوم هدهدة ما بداخلي، وتنظيم أفكاري؛ لأكتب لك شيئاً مما أشعر به.. أعلم أنك تريد مني أن أكتب المزيد؛ لكن الوقت والورق لا يكفيان. . لا تضحك إن قلت لك أن الوقت لا يسع، أعلم بأنك تعلم بأن الوقت جُلّه وكله لي، لكني أنا مَن لستُ للوقت.. أنا أحاول دائماً قبل أن أكتب لك.. أن أختصر لك كل شعور، ألملم كل تلك الجراحات أتخلص من الكثير من الكلمات؛ لأنه لن تسعني يوما كل حروف اللغة.. مُجهدةٌ فكرة الاختصار.. فكرة الإقتناء.. فكرة الاختيار.. فلستُ أعلم ماذا أختار وكيف أختصر ومن أنتقي من الكلمات.. فأنا.. مجهدة.. حتى من الكتابة..".
غلاف ورقى عادى |
نوع الغلاف |
332 |
عدد الصفحات |